ليه بـ400 مرة؟ في الجمعة العظيمة الكنيسة القبطية تسجد بطريقة خاصة

في جو مهيب ومليء بالرهبة الروحية، تحتفل الكنيسة القبطية الأرثوذكسية بالجمعة العظيمة بطقوسها الفريدة التي تعكس العمق الروحي، ومنها السجود 400 مرة المعروف بالميطانيات. يُعد هذا الطقس تعبيرًا عن التوبة العميقة والامتنان لمحبة السيد المسيح غير المحدودة وتضحيته العظمى من أجل خلاص العالم بأسره.

الميطانيات في الجمعة العظيمة: أصل الطقس ومعناه

الميطانيات كلمة يونانية تعني “التوبة” وتُترجم في الطقس الكنسي كإشارة للتغيير الكامل والتوجه نحو الله. في الجمعة العظيمة، يُقام هذا الطقس المميز كتكريس جماعي لخلاص المسيح، حيث يكمل الأقباط 400 سجدة؛ 100 لكل جهة من الجهات الأربع وهي الشرق، الغرب، الشمال، والجنوب. تأتي هذه الحركة العبادية كرمز لشمولية الفداء الإلهي الذي بات يشمل كل مكان وكل إنسان على وجه الأرض، ليصبح دليلًا حيًا على انتصار قوة المسيح أمام آلام العالم.

معاني الرقم 400 ودوره الروحي

الاختيار الدقيق للرقم 400 يحمل رمزية عميقة، إذ يوازي عدد الأشهر التي عاشها السيد المسيح بالجسد على الأرض، ما يعادل 33 عامًا وأربعة أشهر تقريبًا. يُؤدى كل سجدة كرمزية عن كل شهر عاشه المسيح متخذًا من جسده وسيلة لفداء البشرية، ما يؤكد عمق الحب الإلهي الممنوح للبشر. يُقدم المصلون هذا السجود بعبارات “يا رب ارحم” التي تجمع بين التوبة القلبية والشكر لخلاص السماء.

طقس السجود: رمزية الجهات الأربع

يبدأ السجود باتجاه الشرق كإعلان للقيامة والنور، ثم اتجاه الغرب كإشارة إلى نهاية الظلام، مع استكمال السجود نحو الشمال والجنوب في دلالة شاملة على أن حب الله يشمل جميع أطراف العالم دون تفرقة. وفي كل سجدة، تتحول الحركة الجسدية إلى صلاة خاشعة يُردد فيها القلب نغمة الرجاء بالغفران وتجدد الحياة في المسيح الذي اختار الموت لينشر الحياة.

العنوان القيمة
عدد السجدات 400
توجيه السجدات الشرق، الغرب، الشمال، والجنوب
رمزية الطقس التوبة الشاملة والشكر للفداء

تتيح هذه الطقوس للأقباط فرصة فريدة للتحديق في معنى الفداء، حيث تتوحد الأجساد والأرواح تحت صليب المسيح، مسلمين أنفسهم تمامًا للمحبّة التي لا حدود لها. الجمعة العظيمة ليست فقط ذكرى، بل هي تجديد لحيوية الإيمان، إذ تتحول كل سجدة إلى شهادة ناطقة على عظمة الحب الإلهي وقدرته على تغيير حياة المؤمنين.